في يونيو من عام 2017 حذّر سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، من احتضان المتطرفين في أوروبا، وذلك ضمن ندوةٍ في ملتقى «مغردون». وتحذيرٍ مسؤول كبير بقامة سموه، يعني أن الرؤية التي يمتلكها في تشخيص الإرهاب هي نتاج وعي وخبرة من مسؤول في دولةٍ كبيرة تحارب الإرهاب منذ الثمانينات الميلادية.
بعدها وحين طالبت دول التحالف بضم «الحوثيين» للجماعات المصنفة بالإرهابية في الولايات المتحدة مضى الموضوع قدماً في عهد ترامب. ولكن تم إلغاء مشروع التجريم في عهد بايدن. الحرب الحاليّة بين «حماس» وإسرائيل فتحت الجروح، وأشعلت المنطقة نحو مزيدٍ من التصعيد بعد فتح النقاشات والحوار بين الدول.
حوار تجلى على ثلاثة مستويات: الأول: معاهدات السلام ومواثيق الأديان، ووثيقة مكة والاتفاق الإبراهيمي، وبحث أزمة المناخ.
الثاني: محاولة إنهاء آثار «الربيع العربي» وإنعاش الدول المتضررة من ليبيا إلى السودان وسوريا والاهتمام بتونس، بل والاهتمام بالدول المنهارة مثل لبنان الذي أعادت دول الخليج بعثه بعد الوساطة الفرنسية. ومن الواضح أن قطر هي التي تسعى في الملف اللبناني ضمن تفاهم من دول الخليج، ومن ثم إنهاء آلام الشعب السوري وإعادة الدولة إلى الحاضنة العربية.
الثالث: فتح الحوار مع إيران، وطرح مبادرات لحرب اليمن.
لكن الجماعات المتطرفة يسوؤها خطاب التنمية، وتوتّرها مجالات التصالح والحوار والتفاهم، فهي بطبيعتها، هذه الجماعات ومنها «الإخوان» بأذرعها العسكرية والتنظيمية والفكرية تعيش على حالة هي بين السلم والحرب. الأجواء «الإخوانية» تطرب لحالة «اللاحرب واللاسلم» لأنها تستطيع أن تتنفس فقط في المناخات المتوتّرة.
الخبر الصاعد أثناء كتابة هذا المقال ما ثبت من دعم إسرائيل لـ«حماس»، ومن تفاهماتٍ بين إٍسرائيل و«حزب الله». هذه الحالات توضح أن العداء مع إسرائيل له بعد مصلحي، استمرار الأزمة والحروب والمشاحنات يعني بقاء مشروعية هذا الحزب أو هذه الحركة.
تخيلوا أن إسرائيل ليست موجودة.. ماهو العمل الذي سيقوم به «حزب الله» أو حركة «حماس»؟! هل يجيدون مشاريع التنمية؟! أمسك المتطرفون بالحكم في مصر وتونس والسودان، لطف الله بتونس فلفظتهم، وفي مصر انتفضت عليهم، والآن يحاول السودان الخروج من الأزمة.
في لبنان كان وجود السوريين يضبط إيقاع الدولة وصراعات الأحزاب، بل ويضبط ويلجم نفوذ «حزب الله» لجماً. خرج السوريون واستلمت إيران لبنان، وأمسك «حزب الله» بزمام الدولة ومؤسساتها بتغطيةٍ من تيار «14 آذار»، الذي أفشله زعامات التيار نفسه، وأول من أسقط التيار جنبلاط حين انسحب منه متأثراً بهزيمتهم في أحداث مايو 2008 في بيروت والجبل وحصار منزله في كليمنصو.
نعم أمسك التيار المتطرف بالحكم في لبنان ثم ماذا؟! انهارت الدولة بالكامل.
كانت ظروف لبنان أفضل ولن أزيد وأقول بوجود السوريين، احتراماً لجمع كبير من أصدقائي في لبنان المناهضين لتلك المرحلة.
تجريم «الحوثيين» و«حزب الله» و«الإخوان» بأذرعها ضرورة من أجل مستقبل أفضل للمنطقة. وعت أميركا أخيراً ما يفعله «الحوثيون» من إرهاب اكتوينا بناره، وهم الآن يذوقون من كأس المرّ نفسه.
*كاتب سعودي